لا أعرف ما هي الضمانات الأمريكية التي قدمتها الولايات المتحدة لكل من القاهرة والرياض خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس تأكيدا علي أن التقارب الأمريكي ـ الايراني لن يمس المصالح الحيوية والأمنية للعالم العربي, ولن يطلق يد طهران كي تلعب مرة أخري دور الشرطي في منطقة الخليج, وبرغم أهمية هذه الخطوة الأمريكية فربما يكون من المفيد ألا يركن العرب لهذه الضمانات, وتأخذهم الثقة المفرطة في أن الآخرين يمكن أن يقوموا عنهم بمهمة أساسية تتعلق بالأمن العربي, يحسن بل يجب أن يتحملوا بأنفسهم مسئوليتها ليس فقط بسبب سوابق عديدة هزت الثقة في الموقف الأمريكي الذي تسبب في هذا الخلل الخطير في توازن القوي الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط والخليج الذي عزز قدرات طهران وأغراها علي النزوع إلي الهيمنة الفارسية مرة أخري, ولكن لأن العرب يملكون أدوات قوة عديدة ربما تكون أكثر تأثيرا في الموقف الايراني لو أحسنوا استخدامها, كما يدخل في نطاق مسئوليتهم وليس مسئولية غيرهم ملء فراغ القوة الذي تسارع إيران إلي استثماره لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة لصالحها, وتقليم قدرتها علي استثمار عوامل الضعف داخل الكيان العربي, وبينها العامل الشيعي الذي تعتبره طهران أهم قدراتها الاستراتيجية في المنطقة.
ولا أظن أن الضمانات الأمريكية التي حملها وزير الدفاع الأمريكي يمكن أن تغني وتكون بديلا عن حوار جاد ومباشر مع طهران ينهض بمسئولية العرب في الوقت المناسب, يحدد مناطق الاختلاف ومناطق الاتفاق في المصالح الايرانية العربية انطلاقا من رؤية عربية مشتركة يتفق العرب علي خطوطها الأساسية.
وتخلص أهم أهداف الحوار المباشر مع طهران في تعزيز أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والخليج, ودفع التسوية العادلة للصراع العربي ـ الاسرائيلي إلي نهاياتها الصحيحة بقيام دولة فلسطينية مستقلة إلي جوار إسرائيل علي أرض الضفة والقطاع, عاصمتها القدس الشرقية, وتنظيم الجهد العربي الايراني لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية مادامت ايران تؤكد كل يوم أن برنامجها النووي برنامج سلمي لايستهدف صنع سلاح القوي, ووقف كل صور الاستفزازات الايرانية لدول الخليج التي تعكر صفو استقرار المنطقة والنأي عن استخدام العامل الشيعي لإضعاف الجهات الداخلية لدول المنطقة قبل أن يشتعل أوار الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة وتجد المنطقة نفسها بما في ذلك إيران في مواجهة حريق ضخم يصعب حصار آثاره ونتائجه.