أرجى عمل!!
قال ابن الجوزي رحمه الله: (قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عملك عندك؟ قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى..فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان إني قد هويتك.. وأنا أسألك بالله أن تتزوجني...فأحضرت أباها, فزوجني وفرح بذلك، فلما دخلت إلي رأيتها عوراء عوجًا ومشوهة، وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وإني على جمر الغضا من بغضها، فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت, فما من عمل هو أرجى عندي من حفظي قلبها. قلت له: فهذا عمل الرجال) [صيد الخاطر لابن الجوزي].
أخي الزوج:
لقد تعجبت كثيرًا عندما قرأت هذه القصة، فالزوجة عوراء عوجاء مشوهة، وفي نظري أنها انتفت من عندها صفة أساسية من صفات الزوجة التي تكون خير متاع الدنيا، وهي (إذا نظر إليها سرته) ومع ذلك كان الزوج يحافظ على مشاعرها.
والدليل أضع تحته خطوطًا وهو (فما من عمل هو أرجى عندي من حفظي قلبها) أي أنه كان يحفظ مشاعرها ويحترم مشاعرها بالرغم من أنه_ كما يٌفهم من سياق القصة_ كان لا يحبها.
إن من مفسدات الثقة بين الزوجين عدم احترام مشاعر المرأة، وجرح مشاعر المرأة له أثره على الحياة الزوجية، لأنه لا شيء أهم من المشاعر بالنسبة للمرأة, عليك أن تدرك هذا كرجل يود إسعاد زوجته كما يود إسعاد نفسه، إدخالها في مشاعر إيجابية يعني أنك تعرف كيف تدير سيكولوجيتها.
كن مرهف الحس لمشاعرها، الرجل الذي يهين زوجته أمام الناس أو أمام أهله أو أمام أولادها أو أمام أي أحد رجل لا يفهم نفسيات الناس ولا يعرف كيف يتعامل مع المرأة، رجل بلا شعور.
إن الزوج الجيد هو الذي يدرك حساسية المرأة، عندما تتحدث عن مشاعرها استمع جيدًا, وافق على المشاعر المطلوبة، إنها تطلب مشاعر لا تطلب مليون دينار) [كيف تكسب محبوبتك، د/ صلاح صالح الراشد، ص(72)].
وأقول لك ذلك لأن من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الرجل، تقليل أهمية مشاعر المرأة وحاجاتها، وذلك يجعل الأولاد أو العمل أكثر أهمية فيكون رد فعل المرأة شعورها بأنها غير محبوبة لأنه لا يعطيها الأولوية، ومن الأخطاء أيضًا: (أنه يستمع إليها لكنه يغضب بعدها أو يتهمها بأنها أغضبته، فيكون رد فعل المرأة تشعر بأنها غير محبوبة لأنه لا يحترم مشاعرها) [الفرق بين الجنسين، د/ صلاح صالح الراشد، ص(65) بتصرف يسير].
رفقًا بالقوارير:
إن الميل والحنان عند معظم النساء هو رابط أساس لعلاقتها بالرجل، فهي تحب أن (تتزوج رجلًا يهتم بها، وتريد منه أن يعبر عن هذا الاهتمام دائمًا، وبدون هذا الإحساس وهذه العاطفة فإن المرأة تشعر بأنها بعيدة عن الرجل، وهذه العاطفة تجعل المرأة متعلقة ومرتبطة بالرجل عاطفيًا جدًا) [بالمعروف حتى يعود الدفء العاطفي إلى بيوتنا، د/ أكرم رضا ص(50)].
لذلك تجد الكثير من النساء تهتم بالعاطفة وإخراج المشاعر حتى في علاقتها مع غيرها من النساء، ويمكننا أن نقول إن (الدفء العاطفي والتعبير عن المشاعر من أقوى محفزات الحب والسكينة في البيوت، والرجال في حاجة لذلك كما أن النساء في حاجة له أكثر) [أوراق الورد وأشواكه في بيوتنا، د/ أكرم رضا ص(83)].
ألم تر كيف اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله القرآن الكريم بإحسان العشرة مع الزوجة فنجد قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]
والزوج الكريم هو الذي يعامل زوجته بالمعروف فيكون لطيفًا بها، مكرمًا لها.
وإذا أردنا أن نحلل عناصر المعروف في التعامل بين الزوجين فسنجد ثلاثة عناصر متعلقة باللسان واليد والقلب وهي:
1. قول التي هي أحسن.
2. فعل التي هي أحسن.
3. قلب رحيم.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [صححه الألباني][فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت، ص45].
وعليك أن تحتسب الضحك واللعب والمزاح أنه يدخل في ذكر الله كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا في أربعة، ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، الهدفين في الرماية، وتعليم الرجل السباحة) [صححه الألباني][المصدر السابق، ص(131)].
ماذا بعد الكلام؟
1. احترم مشاعر زوجتك لتكسب حبها وقلبها.
2. استشرها في أمورك العامة والخاصة.
3. افتح لها باب السيارة.
4. اعتذر لها عند الخطأ.
5. اشكرها عند اجتهادها، وعند تقديم الخدمات لك.
6. ولا تهنها أمام الآخرين أهلك أو أهلها أو الأبناء.